سنة الله وسنة الحياة (2)
السؤال: ما حكم قول بعض الناس، وهو يتحدث في أشياء: " هذه سنة الحياة !؟
الجواب : (لا يقولها ، بل يقول سنة الله لا بأس) الشيخ العلامة ابن عثيمين في رد على سؤال بالهاتف
إجابة العلامة (ابن عثيمين)واضحة موجزة مفيدة ،، ولا استخدمها لإلجام رأي ما ،، وان وافق رأي بالنتيجة ، إلا أنني لا أريد الاكتفاء بها ،،
فسنن الحياة متغيرة دائما متحركة لا تستكين متدفقة بلا حدود ، وهو تغير مستمر يعرضنا دائما لحياة مليئة بالتجارب الجديدة نعيشها في كل لحظة من حياتنا الدنيوية ، وكلما طالت أعمارنا امتدت حتمية تعرضنا لشيء جديد في لحياة، ونذوق طعما لم تكن لنا به خبرة فيما سبق.
وطالما الإنسان هو حيا فهو عرضة لتجربة التطور وكل طور له خصوصية وكل خصوصية لها مذاق خاص لا يشابه غيره.
حياتنا من هذه الناحية هي نسخة مطابقة لمن كان قبلنا من الآباء والأجداد وأجداد الأجداد ،، تبدأ حياتنا حتى قبل أن نكون صغارا ، ثم نصير صغارا (وننمو ونتطور) لنكتشف أمورا جديدة تكسبنا الخبرة الجديدة المختلفة في ديمومة لا تنقطع ،وما أن نلج عالم الكبار، ونصير جزأ منه ونظن أن راحلة الاكتشاف والتعلم في حياتنا قد أناخت حتى نفاجأ أن هذا هو الجهل بعينه .
نتذوق طعما بمغامرات المشاعر والعواطف في شبابنا، فنظن أنها أجمل الأحاسيس في الحياة. ثم نتزوج لنكوّن أسرة فتنبت مشاعر في نفس المكان لكنها مختلفة ، فنُفاجأ بما لها من سحر هو الأجمل مما خبرنا من قبل ، فحسنة الدنيا والمال والبنون زينة وما (الحب) إلا إطار فلكي ندور فيه ، فالأمومة والأبوة زخر من المشاعر ونبض متميزين لم نعتدهما فتكون حياة أخرى غير التي ألفناها، ونتذوق للحب طعماً آخر غير الذي اعتدنا مذاقه.
يكبر أولادنا، ويتجاوزونا حجما وقوة ومعرفة ً، لكنهم يظلون صغاراً في عيوننا، لا تغيب عنّا أطيافهم الطفولية ، بعثراتهم ولثغاتهم وضحكاتهم، ومقالبهم ، وقلوبنا لا تتوقف عن الإشفاق عليهم حتى وهم كبار ،، إلى أن يغادروا أحضاننا إلى غيرنا فيعترينا حزن مشوب بالفرح لنضوجهم ثمارنا في أعمارنا. وتكون تجربة جديدة بمذاق مختلفً.
وتمضي الأيام بنا، وتبقى تجارب جديدة في انتظارنا واحدة إثر الأخرى، ولا تفتأ الحياة تلقي علينا دروسها وتسكب في أعماقنا تجاربها ،، لنكتشف يوميا أننا مازلنا عند نقطة البداية نتذوق الجديد مرة تلو مرة ونجهل الكثير.
هذه هي السنّة التي سنّها الله (للحياة) على هذه الأرض، وان درج الناس على تسميتها (سنة الحياة)، ولولا هذا لقبُحت الحياة وقضى علينا الملل والرتابة،، هذا مثل أسوقه لتدليل على ما اتفق على تسميته بسنن الحياة كلها ،،
الخلاصة:
التعريف عندي لسنة الحياة (كفكرة متداولة) أنها تفسير لسنة الله ، وليست شيئا مستقلا بذاته ، وأميل إلى رفض الفرع في وجود الأصل ، غير أن المتداول أن (سنن الحياة) تفهم على أنها هي الخبرات المتعلقة بسلوك الإنسان ، وهي غير مفروضة عليه حتما ، بل له القدرة على اختيار الالتزام بها من عدمه ، رغم أنها سنن ألاهية ، كالزواج ، والإنجاب والتعلم ، وغيره ، وحتى الصلاة والصوم والزكاة والحج (بغض النظر عن موقفنا من تركها) . فان الإنسان هو الذي يختار موقفه منها. . ولم يخطئ من قال أن الحياة لا تخلق السنن ،، فسنة الله هي قوانين الكون و(حياة) الإنسان كالموت وخلق الكون والتطور والساعة والبعث، فكل هذه الأشياء مفروضة عليه حتماً ولا يستطيع حيالها شيء ، وليست له القدرة على عدم الخضوع لها ، فالإنسان يمكنه ألاّ يصوم أو يصلي ولكنه لا يستطيع ألاّ يموت أو يوقف التطور،، ذلك هو الرأي عندي .
الصادق دهان