بين الحلم والمثل
السلام عليكم
لا افهم لا كثيرا ولا قليلا في الأمثال الشعبية وتفسير الأحلام ،، ولا أتذكر الأمثال الشعبية إلا لماما أو حين يذكرني أحد بها ،، ولكنها في الإجمال هي ارث كغيره من تراكمات الخبرة البشرية ،، وهي دقيقة إلى حد كبير اذا ما استخدمت في محلها ،، ولكن حسب ما أرى أن هناك علاقة وطيدة بين (الأحلام المنام وأحلام اليقظة) من جهة والأمثال الشعبية من جهة أخرى ،، ولو دققنا في معظم الأمثال الشعبية فسنجد أنها (أحلام شعبية)، لانها عبارة عن إما حكم شعبية (أي منتشرة) ، أو هي اشتقاق ما من صحف النقد والتوجيه والرأي القديمة التي تعتمد على الشفاهة في الحوار قبل اختراع وسائل الإعلام الحديثة.
أردت أن ابدأ بهذه المقدمة بعد أن قرأت السجال الذي دار بين العزيزين (دهان 56) و ( منتهى ) حول حكاية الوادي وما فيه ،، حيث يقول (دهان 56) في مجمل مداخلاته وتعليقاته أن (فيك يا وادي) هو شحذ للهمم بينما ، ترى (منتهى ) أنها تحمل معاني التقريع وتنداح نحو الإحباط ،، وان كنت استطيع أن أجمع بين الاثنين دون الحاجة إلى رأي ثالث ، إلا أنني أريد أن أضيف شيئا واحدا ، ملخصه أن ما دار من سجال هو أشبه بالخطأ المسكوت عنه من كلا الطرفين ، حيث ابتعدا كلاهما (دهان 56) و (منتهى ) عن أصل الموضوع وأوغلا النقاش في اللفظ (المثل الشعبي ) ، وبالقدر الذي أخرجت فيه (منتهى ) (دهان 56) من حلبة النقاش ، بالقدر الذي تمكن هو من اسبار غور الفكرة خارج الحلبة ( هذا) تقريبا ما أعجبني وما لم يعجبني في الحوار .
ولكن ،، العلاقة بين حلم (دهان 56) وحلم (منتهى ) واحد ،، الأول يريد دفع آلـ دهان إلى انجاز عملي بطريقة الاستفزاز الأبوي الايجابي (لفكرة يراها مهمة) وبطريقة مباشرة ، يغلب على شكلها العام والخاص التحذير من الإهمال وبأسلوب يتخذ مبدأ الواقعية والخشية أساسا له ، بينما غلب على العزيزة (منتهى) أسلوب آخر ، أي ما يعرف (بالجدال) بالحسنى دون التقريع وربما التوبيخ ،، في ممارسة طبيعية لمشاعر أنثوية تركن إلى السياسة بمعناها العاطفي بل أخالها تقي المعنيين من رد فعل سلبي وتريدها سهلة (قولا وعملا) وقد صدقت في ذلك .
إذا ،، الوادي فيه الكثير ،، (شجر وحجر ، وكائنات أليفة ، ومفترسة ، وجبال محيطة (لزوم الصدى طبعا) ، وتعرجات ، وتضاريس وعرة ، وسكون رهيب (لزوم الصدى أيضا) ، وأصوات مفهومة وغير مفهومة ، ووشوشات حشرات الوادي ، كالذباب (البري) ، والبعوض ،والنحل لبري ، وحفيف ورق يغازل نسائم الوادي المحتشمة ،، هذا هو الوادي الذي أعرفه ،، و(دهان 56) يقول (فيك يا وادي) ،، ويقصد دون شك (الصيحة أو الصرخة) ، والصدى ورجع الصدى ،، تلك النظرية التي قرأناها في مراحل تعليمنا الأولى ، فالصرخة ترتد إلى مسمع مصدرها وغيره من السامعين بعد انتقالها في فراغ الوادي واصطدامها بجدران جباله ، وفي هذا الموضع يعترف (دهان 56) أن الوادي ( الذي هو حقل الموضوع الذي يستهدفه ) فراغ يحتاج إلى كيان فاعل يسكته ،، و (منتهى ترى أن طالما هناك صدى اذا صاحب الصيحة موجود ، وهذا في حد ذاته أمل وحلم يمكن أن يتحقق ،، ما يجعلني اسعد حين أرى أن احدهما يناقش الصرخة والثاني يناقش الصدى ،، والحلم يراوح بينهما في قاع المثل ومحتواه هو الهدف .. بورك فيكما وطالما الصرخة مستمرة فان الصدى سيستمر وسيزداد عدد السامعين والصارخين .
عمو / الصادق
الثلاثاء أبريل 21, 2009 4:32 pm
