بسم اله
اليوم هو بداية العشرون من ابريل حيث أنا ،، واليوم تجاوز منتصف الليل بقليل ،، واعرف ان النهار بدأ يتسلل الى نوافدكم شيئا فشيئا ، واعرف ان بعض الآباء يتمططون في مخادعهم ، ويضعون الوسادات فوق رؤسهم ، متمنين ان تنتظر الشمس قليلا ، ولو ساعة أخرى ، وان الامهات يسرعن بين مقلاة البيض وصابون اللوكس ، منهن الحافية جريا وراء مواعيد اطفال المدارس ، ومنهن من تأمر وتنهي قبل فوات الاوان ،، واعرف أيضا ان الشباب والصبايا (كل) اما غارقا في شخير ناعم ، او يعيش مناما يتمناه ألا ينتهي.
الا ان النهار لا يمل ولا يكل ، ولا يتوقف عن الزحف نحو الشرفات والبساتين والحواري ،، أعرف أيضا حسب اخبار النشرات الجوية وتقارير الاولاد ، ان الطقس بدأ يهيء العباد لقدوم الصيف مبكرا.
اما الشيوخ ، لا اتصور ان فيهم من يمكن ان يكون لازما لفراش ، او يتتأب نعسا ، الا من لم تعد اوصاله تتحمله ، ذلك وحده الذي أخاله جالسا على كرسي امام البيت ، أو عند أحد زوايا الغرف ، حيث يمكنه مراقبة ومتابعة كل شيء ، أما الآخرين ممن تبقى لهم بعضا من جهد ، فان بعضهم صلى في المسجد حاضرا ، ومنهم من سجد مصليا على رمال الجنانات الطاهرة قبل الفجر الى جانب نعاجه التي تتهددها الذئاب البشرية.
أما عجائزنا الرائعات ، اللواتي يفوح عطر الحناء من وجوههن ، اراهن يعدن للتو من مخبز الحي ، وقفافهن مليئة بالخبز الطازج الساخن ،، استعدادا لافطار عند الضحى مع الجارات الشيقات ،، متحلقات حول عالة الشاي وما ادراك ما عالة الشاي (طرالها جرالها) ، ومواجيز للاخبار ، وتفاصيل بالصوت والصورة ، بشفافية وحنين عميقين ، وحب اسطوري يسود المكان ، ويحفظ العادات والهوية.
وانا ما زلت هنا اضع يدي على خدي واتذكر الجميع ،، اصوات المؤذنين تجلجل في سماء المدينة ، ورائحة الخبز الدافئة ، واصوات الشاحنات تشق قلب المدينة شرقا وغربا ، ونسمات الفجرية الباردة الهاربة من قبضة وقيض منتصف النهار ، وحكايات كثيرة اسمع دويها عند حافة اذني.
على كل حال ،، هذه مقدمة اعلن بها عن عودتي من سفر غيبني عنكم اياما ،، ولولا العزيز نجيب عيسى والعزيزة منتهى ، فكلاهما لا يقطعا سؤلا عني ،، لأحسست انني منسي ككل مرة ،، (امتناني لهما ودعواتي بالتوفيق) ، ولكن والحال هذه وبهذه المشاغل ، أجد لكم جميعا العذر كل العذر ، فالانسان لكثرة ما هو فيه يعجز حتى عن مطاردة (قملة شرسة ذات أنياب الحادة) وهي تلوذ بالفرار في فروة رأس الواحد منا ،، حقيقة لكم كل العذر .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمو / الصادق